كلمة الأنبا موسى
أسقف الشباب في الكنيسة القبطية الارثوذكسية
التي ألقاها في الصلاة على ماري أسعد

By Bishop Moussa

ماري أسعد، عمرنا ما قلنا لها يا دكتورة ، لم أسمع  أحد قال لها يا دكتورة وهى عندها دكتوراه كبيرة جدا...كل الناس بيقولوا لها يا ماري ، كانت "مُحبة ومحبوبة"؛ كانت "بشوشه ومبتسمه". وعن "المُبتسم"، قال الآباء: "المُبتسم هو انسان مُتضع أصلاً". والمتضع لا تبرح الابتسامة شفتيه. و ماري كانت متواضعة جدا، بالرغم من منصبها العالمي ــ كأمينة مساعدة للأمين العام لمجلس الكنائس العالمي .  فلقد عملت من خلال منصبها الدولي على النهوض بالإنسان والمرأة والتنمية ومقاومة العادات السيئة ليس ــ فقط ــ في العالم العربي بل في العالم كله...وجاهدت من أجل رفع شأن المرأة والإنسان... وكان بيتها مفتوحا..."زي قلبها"...وقد عرفتها من خلال خدمتي مع أنبا أثناسيوس المتنيح مطران بني سويف "كأبن له". فلقد كانت على صلة وثيقة به. كما كانت كذلك مع نيافة الأنبا صموئيل أسقف الخدمات المتنيح. ومع كل مجموعة خدام التنمية الكبار مثل: المهندس يوحنا الراهب وغيرهم...،  وكانت تدعمهم جميعا في تطوير برامج التنمية الكنسية الموجهة للفقراء والمحتاجين  دون تمييز.فكل رواد التنمية كانوا يعتبرونها أختاً لهم...فلقد كانت بمثابة: القلب المفتوح ، واليد الأمينة الممدودة تجاه كل البشر .تجاوزت وضعها الاجتماعي المتميز وبحثت عن المحتاجين في كل مكان. فنجدها تقوم بخدمة جامعي القمامة بالمقطم. "زي ما ربنا نزل إلينا في التجسد ، هي تركت الطبقة الاجتماعية والغنى ونزلت إلى فقراء  تدور عليهم".وكرست حياتها من أجل الفقراء. ولم تشعرهم بأية فروقات اجتماعية. لذلك كانوا يحبونها باعتبارها واحدة منهم. فالكل في نظرها أمام ربنا سواء. فأصغر واحد ممكن يبقى كبير عند ربنا ، لهذا نحن ننظر إليها كأيقونة حقيقية...نعم ماري أسعد أيقونة...أيقونة في العمل الإنساني، وأيقونة في العمل المسيحي، وأيقونة في الكنيسة القبطية الارثوذكسية، وأيقونة لدى العائلات التي تفاعلت وتعاملت معها. نعم كانت من أهم رواد العمل التنموي العالمي بحكم موقعها المسكوني في مجلس الكنائس العالمي الذي يمتد عمله إلى كل أنحاء العالم...ولقد لمسنا ذلك بزيارتنا لها في جنيف، وأماكن الخدمة الميدانية التي خدمت بها، وكذلك منزلها الذي كان دوما مفتوحا للجميع... كانت ماري قريبة جدا من قلوب الجميع...وأشهد أنها كانت في حياتها وتعاملاتها وخدماتها مسيحا "صغيرا" متجسدا" يعبر على البيوت وعلى القلوب فيدخلها بكل فرح...وذلك ــ يقينا ــ لأنها كانت مرتبطة جدا بالسيد المسيح. من يخدم الفقير فهو يخدم الرب. "فمن يعطى الفقير يقرض الرب"، أي "يسلف ربنا وعن معروفه يجازيه الرب". فكانت تقدم الخدمة للجميع بكل حب وحنان...لذا:"مفيش حد يقدر يقول إن ماري اتكبرت عليه،  لم يحدث. وهى الآن في السماء برضه تواضعها زاد وحبها لنا زاد ورعايتها لينا زادت وصلواتها من أجلنا زادت"..."حقيقي احنا عمرنا ما حسينا ان بيتها ده بيتها، ده بيتنا كلنا كل الناس تدخل البيت وتعتبر انها صاحبة بيت"...لم تكن ماري تحمل اسم العذراء مريم ــ فقط ــ وإنما كانت تقتدي بها وبصفاتها: فأخذت: "وداعة العدرا ، وتواضع العدرا ، ومحبة العدرا للناس لما كانت تقول للسيد المسيح: شوف الناس محتاجين ايه". ونحن نؤمن أنها الآن في السماء تشفع فينا وتصلي من أجلنا مثلما تفعل أمنا العذراء مريم الشفيعة المؤتمنة على جنس البشر.ولقبها "أسعد" من السعادة. فقد كانت تشيع جوا من السعادة الحقيقية في كل مكان توجد فيه..ونحن عندما نصفها "بالأيقونة" فإننا نقصد بذلك الاقتداء بها وتذكر تاريخها وما تضمنه من أفعال المحبة والخير للاهتداء بها كرائدة من رواد العمل الإنساني...تماما مثلما نضع أيقونات القديسين في الكنيسة وفي منازلنا لتكون حياتهم أمام أعييننا دائما...بعث سيدنا البابا تاوضروس الثاني برسالة تعزية لأسرة ومحبي ماري أسعد من خلال سيدنا الأنبا مكسيموس. وقد تضمنت تقدير قداسته لدورها الجبار والإنساني في خدمة الكنيسة المصرية والوطن والعمل المسكوني. والآن، أنتِ يا ماري "دخلتِ إلى السعادة الأبدية مع الملائكة والقديسين.  يا بختك و يا بخت كل انسان كرس حياته لربنا على الأرض. حيث تكون له الأبدية السعيدة والعتيدة لتحيا فيها إلى الآبد"...ليتنا نتعلم منها...ونخدم زي ما خدمت على قد ما نقدر...لأنه مش سهل نعمل اللي عملته"...وأيضا "أنتِ الآن ومع القديسين سعيدة الآن بالأبدية"...يا بختك صلي لنا... لان احنا عايشين بصلوات هؤلاء القديسين اللذين أرضوا الرب في حياتهم على الأرض وسيرضيهم الرب بالأبدية السعيدة الى أبد الآبدين في ملكوت السموات ،
                           آمين .